
في القطار إلى آخر العالم حيث تنتظرني الجبال البيضاء و الدببة و الأيائل.. كنت قد حجزت التذكرة ليكون مقعدي إلى جانب النافذة، و عندما جلست و بدأ القطار بالتحرك، اكتشفت بأن مقعدي معاكس لاتجاه القطار، شعرت بالضيق و بدأت بالبحث عن مقعد فارغ في الاتجاه الصحيح، و بالفعل وجدت واحدا مقابل مقعدي فنقلت حقائبي و جلست برضا تام عن رحلتي الطويلة. بعد ساعة توقف القطار ليقل ركابا قادمين لتو من مطار آرلاندا، جاء شاب طويل أشقر و نظر إلي، عرفت أنه صاحب المقعد الذي أخذته، قلت له وأنا أشير إلى مقعد رقم ٦٦ آسفة أنا أجلس هناك، ابتسم بشكل غير مفهوم و ذهب إلى المقعد، تنفست بعمق لأنني لم أضطر للعودة.. عندما تحرك القطار من جديد، نظرت إلى الشاب فوجدته ينظر إليّ أيضا، و لكن نظراته هذه المرة كانت مفهومة، كانت تبدو الدهشة على وجهه، كما و لو أنه قد خدع، كان ممتعضا لأنه يجلس بعكس الاتجاه، أملت برأسي نحو النافذة و فكرت بأنني أمتلك الحق في الدفاع عن متعة رحلتي، لن تكون رحلة إذا لم أجلس في المقعد الصحيح.
كانت المزارع البيضاء تلمع ذهبا في عيوني، يوم ثلجي مشمس، يا لروعة المشهد. أمعن التأمل في كل شيء يمر عنه القطار السريع، يمكنني رؤية خطوات الخنازير البرية و تمييز خطوات الغزلان عن الثعالب، تعلمت ذلك من مكوثي في الكوخ الصيفي في جولو.. تظلم النافذة لوهلة حين يمر القطار في نفق صغير، فتصطدم عيوني بعيون الشاب في مقعد ٦٦، ترعبني نظرات عيونه الموغلة في الأزرق، و لكن سرعان ما أدير رأسي و تضرب الشمس وجهي. أجزم أن الشاب لن يسامحني للأبد.
December 28, 2016 at 11:28am