شارع اسمه طويل جدا

مرّة قطنت في شارع قصير
لكن اسمه كان طويلا جدا
أطول من أي كلمة يمكنكم تصوّرها
حتى انني لم أستطيع كتابة اسم الشارع
كلما سألني أحدهم عن عنواني
قلت لا أعرف
و ظنوا أنني بلهاء
لكنني حقا لم أعرف حتى كيف ألفظ أول حروف من الاسم
لو كان لدي وقت كاف
لتدربت على اسم الشارع
كان وقتي محدودا جدا
كنت أزجه في العمل
و ارتياد مقاه أحببت ديكورها أكثر من القهوة
و لأن النهار كان طويلا في ذلك الوقت
كاد أن يكون أطول من اسم الشارع نفسه
كنت أفضل أن أمشي من محطة القطار
إلى بيتي ببطء شديد
إلى أن تختفي خطوط الضوء البرتقالية المرمية من جهة ما من السماء
لم يكن ضوء الشمس كما قال جيراني
كان ضوء فقط
لم يوجد ما هو حقيقي و معقد أكثر من اسم ذلك الشارع
المهم، منذ أن انتقلت للعيش في شارع آخر
صارت كل الأسامي طويلة
و لا يمكنني أبدا لفظها من فمي أو من ذاكرتي.

بدون أوصاف

مرة

ذهبت إلى موعد

كنت جميلة جدا

انتظرت الشاب دقائق قصيرة

واقفة إلى جانب الطاولة

مرتبكة و مترددة

حتى ظهر الشاب مثل ذلك الضوء الذي نراه كلنا آخر النفق

كان أجمل مني بكثير

أصبت بالاحباط الشديد

أو ربما بالفخر

طلبنا كأسي نبيذ

و جلسنا نشاهد بعضنا البعض!

أموات ينتظرون حجر النرد الناري

عندما تصبح الحروب
هي الحل الوحيد في هذه المدينة..
الحروب التي تعدت الثلاث
مثل حجر نرد ناري
ترميه يد واحدة
و لكن في قلوب الموتى..
الناس الموتى ينتظرون الحجر الرابع
أطلقيه أيتها اليد خالمتمرسة في النار
أحرقي المزيد من القلوب
المهم استمري في اللعب
الخصم ذكي و لا يمل
إنه جاهز للمناورات المكررة
و نحن، الناس الموتى، لن تعنينا انتصاراتكم
ما دمنا الطاولة الممتعة لأحجاركم النارية.

عشرون علبة سردين

123
لقد تفننا كثيرا في استخدام السردين
مرة نأكلها بدون شيء
و مرات مع سلطة المعكرونة
و أحيانا إلى جانب الفول
ماذا يفعل الانسان بعشرين علبة سردين؟
مخزنة في غرفة النوم
تحت سرير أمي
غنيمة أيام الحرب التي توصف باللعنات.

علب السردين المنقطة باللون الأحمر
مكتوب عليها ‘تبرع من اليابان’..
في الحرب لا نفكر بالشفقة
نريد أن يرسلوا لنا بطاطين دافئة
و أن يتبرعوا لنا بعلب السلام..

كنت أعد الساعات و الليالي
و أعض الوقت بحزن
هيا أيتها الحرب
انصرفي من وجوهنا
لقد تعبنا منك
اتركينا نجلي قلوبنا من الخوف
خذي علب السردين
التي جلبتها معك
لسنا جوعى
لدينا في الثلاجة طعام و قطع ثلج للعصير
و لكننا لا نستطيع الرجوع
أيتها الحرب
على الأقل تمهلي في تعذيبنا.

لعبنا كرة القدم
بعلب السردين الفارغة
كان الحكم امرأة نحيلة
تنشر الغسيل و تراقبنا
و تشتم الغشاش في نفس الوقت
كنا نمرر العلبة بين الأرجل
و نسدد أهدافا لها رائحة البحر

خلق الله سمك السردين،
و صيادين أقوياء
فقط لأجلنا في الحروب..
يصطادون السردين،
يعلّبونه
و يلصقون عليه عبارات حزينة..
كل ذلك لأجلنا.
سوف نظل نشم رائحة البحر
و نتخيل الشاطئ
و القوارب التي لا بد و أنها جميلة
و نأكل السمك الحر
حين نختبئ في الملاجئ الرديئة..
سوف نعيش حتى آخر حرب
حتى آخر سمكة سردين يصطادونها لأجلنا.

أغنية اسمها نعم

نعم للحرب و السلام
نعم للكره و الحب
نعم للموت و الحياة
نعم للرجل و المرأة
نعم للوطن و المنفى
نعم للرئيس و الشعب
نعم للبيت و العراء
نعم للسرقة و الأمانة
نعم للقوي و الضعيف
نعم للسعادة و الحزن
نعم لكل الأشياء
و لكل ما تقولونه
لأنكم لن تسمعوا لاءاتي
و أنا لا أكترث.

رجل وحيد كالملائكة

سكران حتى الجحيم
لكنني أغني كالملائكة
أرجوك لا تأخذ الكؤوس
لا تمنعني من الغناء

سوف أسرف في الحب
و أتمشى في مدينتك
كأنني أعرفها منذ زمن
لأن الناس يمتلكون نفس اهمالك
و يضحكون مثلك بخجل و بدون خجل
كلهم ينظرون إلى يدي المكسورة
يجهلون أنها تكتب الشعر
و تشتري الكتب
و تربت على كتف العالم.

سكران حتى الجحيم
أنا انعكاس ظلي
خفيف
و وحيد لست لأحد
لكنني أغني كالملائكة

بلاد مملة

هذه البلاد مملة جدا
لا حروب
لا مشاجرات بين الجيران
لا باعة يزعقون
ولا عمال بناء يصيحون على بعضهم بعضا..
بلاد وحيدة
لا أطفال يلعبون في الشوارع
لا رجال يتصيدون نساء الحي
لا آباء يجلسون على عتبات البيوت..
بلاد باردة
يأتي الشتاء بسرعة
و مع ذلك يغيرون التوقيت الصيفي
يرتدون العتمة و كثيرا ما يسافرون إلى الشمس
هنالك حيث بلادنا الدافئة و البعيدة جدا..
هذه البلاد تخرط العاطلين عن العمل
قاسية و صادقة لأن حبالها طويلة
و لأن مدنها تتسع للهروب اليائس
بلاد نحلم بها كثيرا
نسعى للسفر إليها دائما
لأجل الحب و الحرية و الحياة
بالرغم من ذلك
كم نحن غرباء و طيبون
سرعان ما تهزمنا رؤوس البيوت القرميدية
و تصيبنا الحرية بالاحباط..
هذه البلاد
ليست مثل مغامرات نيلز
لا تشبه بيببي
ليتها حقيقية مثل حبنا لبلادنا الحزينة..