بار متجمد في صيف حار

كنت جالسة في المقهى وحيدة، أفكر بأمي، أشتاق إليها كثيرا، أشتم غزة.. في عز حزني و غضبي يأتي شاب غريب، يرتدي بلوزة بيضاء، يقول بدون تردد ‘أريد أن أجلس أمامك’. وحدتي تسمح له بالجلوس، يواصل الشاب ثقته و يسألني من أين أتيت، و يفاجأ بأنني من مدينة بعيدة جدا جدا عن كل العالم، ينهال عليّ بالأسئلة…

نغادر المقهى معا، الشاب يمسك بيدي و يأخذني إلى بار متجمد في فازاغاتان، يساعدني في ارتداء المعطف الثقيل الذي استعرته من البار، لأننا سندخل شتاء قاسيا في وسط صيف استكهولم، ندخل البار و نطلب كأسي نبيذ بارد، فأنا أصبحت أشرب الكحول منذ شهر، نجلس على كرسيين متجمدين، الطاولة متجمدة، الجدران متجمدة، السقف متجمد، الحياة هناك كانت في أقصى تجمدها.. نظر الشاب إلي وقال ممازحا ‘هكذا يبدأ الحب’. بعد ساعة غادرنا البار المتجمد غريبين مثلما التقينا…

في القطار كنت أفكر ‘كان عليّ أن أقبّله’، بينما كانت أمامي امرأة تقول لصديقتها ‘إن أردت أن تستمعي إلى قصتي، أحتاج إلى صوفا للتمدد و البدء بفتح فمي للأبد’.

المنتحرون الشجعان

في السويد تحدث حالات انتحار هائلة، و لكن لا أحد يعرف عنها شيئا، لأن الصحف لا تتكلم عنها، و لأن الشرطة لا تعطي أية تفاصيل عن تلك الحوادث المروعة و الحزينة. يمكن لأي شخص أن يدرك أن أحدا ما انتحر في هذا أو ذلك المكان عندما يمر من فوق الجسر و يجد بأن البلدية قد وضعت على جوانبه أسلاكا شائكة طويلة، السبب واضح، أكثر من شخص ألقى بنفسه من فوق ذلك الجسر، لقد أنهوا حياتهم بالسقوط في بحر البلطيق، في البحيرات المتجمدة أو على السيارات و القطارات..

قبل أيام مررت من على جسر في فليمنغاتان، رأيت شابا يتأمل القطارات بغرابة، بسرعة فكرت بأنه ربما يخطط بالانتحار، شعرت بالخوف، و لكن جوانب الجسر كانت مسيجة، آه شعرت بالارتياح.. في نفس اليوم مررت من على جسر آخر فوق بحيرة، لم يكن مسيجا، نظرت إلى الماء و كان بامكاني رؤية نهاية العمق، حيث الرمل و الحصى، إذن تلك البحيرة ليست مكانا جيدا للانتحار، إنها تحفظ الحياة بعمقها الضئيل، الأعماق التي بلا نهاية هي التي تغري المنتحرين..

أمس كانت الأخبار من الجانب الآخر من العالم، هناك، من غزة أتت، من المدينة التي نشأت فيها بكل تدهور الأيام و بؤس الحياة.. شاب جميل كان يكتب القصص و ينتحر بفشل بشع، و لكن فقط أمس نجح في الانتحار و ذهب إلى تلك الأعماق التي تشبه بحيرات السويد في ظلمة الشتاء. نعم، لا أريد أن أضيف شاعريتي لوصف انتحار ذلك الشاب، لأنني أبتعد عن الرومانسية عند الكتابة، كي أكون أكثر صدقا و اقناعا. المهم، الشرطة و الجيران و الصحافة و ناس المدينة و الفيس بوك و الكل ضجّ بقصص و أخبار انتحار الشاب، كيف انتحر، و انتشرت التفاصيل و الكل عرف بالضبط كيف و لماذا و متى..

الفرق بين الانتحار هنا و هناك، أن الشرطة و الصحافة تتمنع عن الادلاء بأي انتحار حدث، حتى أنهم لا يفصحون عن أعداد المنتحرين، أسماءهم، أو أي شيء آخر.. السبب بكل بساطة، إنهم لا يريدون أن يلهموا اليائسين و البؤساء الشجعان بطريقة لانهاء حياتهم. يجب أن لا تؤثر قصص المنتحرين على بقية الناس الذين يعانون من كآبة أو أزمات حياتية. احتفظوا بقصصهم الحزينة و حاولوا تنظيف المدينة من أسباب الانتحار.

أموات ينتظرون حجر النرد الناري

عندما تصبح الحروب
هي الحل الوحيد في هذه المدينة..
الحروب التي تعدت الثلاث
مثل حجر نرد ناري
ترميه يد واحدة
و لكن في قلوب الموتى..
الناس الموتى ينتظرون الحجر الرابع
أطلقيه أيتها اليد خالمتمرسة في النار
أحرقي المزيد من القلوب
المهم استمري في اللعب
الخصم ذكي و لا يمل
إنه جاهز للمناورات المكررة
و نحن، الناس الموتى، لن تعنينا انتصاراتكم
ما دمنا الطاولة الممتعة لأحجاركم النارية.

أشياء كثيرة لنتحدث عنها

2e

مرحبا,

هالو؟ هل من أحد هنا يقرأ ما أكتبه.. لقد غبت طويلا, كتبت كثيرا و لكنني لم أنشر شيئا, كنت منشغلة في أشياء لا يمكنني التحدث عنها علنا, إنها حياتي الخاصة, و غرفتي الصغيرة التي ليس من اللائق الكتابة لكم عنها.. كنت أفكر فيكم كلما صعدت الدرج المتحرك, هل صعدتم الدرج المتحرك؟ سؤال مضحك, أعرف, أنا سعيدة بسؤالي, لأنني جربت ذلك الدرج فقط و أنا في الثالثة و العشرين من عمري, انه وقت متأخر لمواكبة السلالم الكهربائية, لقد كانت لحظة محرجة حين قفزت عن آخر درجة متحركة و أنا خائفة جدا من أن يبتلعني الدرج, كان ذلك في أوروبا, نعم فكما تعرفون انتقلت للعيش هناك, في مدينة باردة و متطورة و كبيرة, يا الهي كم هي كبيرة, غزة بالنسبة إليها حبة أرز..

وصلتني رسائل من قرّاء غرباء, يسألونني عن غيابي, فاجأني ذلك, اذا أنا لست مجهولة حد العدم!, شكرا لكم, حتى و ان تعرفتم علي بالصدفة خلال عملية بحث عن طريقة صنع فطيرة التفاح.. و هنا يجدر بي الاشارة أنني أصبحت طباخة رائعة, أشعر بالزهو عندما أقول ذلك, لا سيما عندما أطبخ لأصدقائي باتقان.

لقد تغيرتُ بشكل لطيف, أصبحت أشاهد الأفلام أكثر من ذي قبل, يجب عليّ أن أذكر بعض الأسماء السينمائية التي أحبها مثل: توم هانكس و جوليا روبرتس و جاك نيلسون و نانسي مايرز و ميريل ستريب.. إلخ

سوف أتكلم عن أشياء كثيرة,

هل من أحد يقرأ هذا؟.. اتركوا لي رسالة لأعرف.