كم تعبتِ يا نفسي

Napoli 1950 by Vittorio Pandolfi
Napoli 1950
by Vittorio Pandolfi

حروب كثيرة
كم تعبتِ يا نفسي
لأنكِ محظوظة جدا
لأنكِ لم تُقتلي.
أنتِ أنانية
ولكن يجب أن تعيشي حتى آخر حرب
فأنا أحب وطني
و عائلتي و جيراني
سأبقى الوحيدة التي تنتظر حربا أخرى
كي أطمئن على أطفالي مرات عديدة..
أنتِ التي لن تتوقف عن تقبيل ذراع حبيبها
الرجل الحر الذي عاد لتو من الدمار
على كتفه دم جنود
و صورتك المخبأة في جيبه
ما تزال رطبة
مثل باقي الصور في القصائد
و الحروب..
لم تمتلئين بالحياة بعد
تصرخين في ظهر الموت
‘تعالي أيتها الحرب القادمة
و اسعدي يا نفسي’

مفاتيح

يخرج البيت من بابك
الباب المقفل في رأسك.
يعتقد الناس أنك ساحرة
لا أحد يجرؤ أن يقولها
لأنك سوف تحولينهم إلى ضفادع..
أنت التي تحلمين بمطعم صغير
في زاوية الشارع
ترسمين طاولة
تضعين عليها شرشفا و زجاجة بيرة
مع أنك تكرهين رائحتها
مع أنك لم تسحري أحد
إلا أنك ما زلت ترسمين ذلك المطعم
و تلك الطاولة
و الزجاجة
و رجل تعرفينه جيدا
سيأخذ مفاتيحك
و يفتح الباب المقفل في رأسك.

المسخ و الفراشات

لا بد و أن الصراصير قرأت رواية كافكا “المسخ”.
كل الصراصير التي نلاحقها بالشباشب كانت في الأصل عمالا متذمرين
أو أشخاصا قرروا أن يرتاحوا في غرفهم قليلا
ثم بعد ذلم لم يستطيعوا مغادرة أسرّتهم .

و لا بد و أن الفراشات سعيدات
لأنهن كنّ مجرد حلم محيّر في منام جوانغ زي.
يجب أن نعترف بأن الفراشات لا نراها إلا في اليقظة.

غلافة رواية "المسخ" لكافكا باللغة الألمانية
غلافة رواية “المسخ” لكافكا باللغة الألمانية

صور أمي على باب الثلاجة

Photograph by Andrew Montgomery
Photograph by Andrew Montgomery

ألصق صور أمي على باب الثلاجة
ما يزال وجهها دافئ.
يجب أن أرعى عروق النعناع
لأجلها
و أحيط نفسي بكل شيء تحبه
مثل الصحون و ماكنة الفلافل
و الأقمشة المطرزة.
و أطبخ بامية بالريحان
لأنها طبقها المفضل.
و دائما أخبز رغيفا ساخنا
حتى تتطلخ يداي
بعجين قلبها الرحيم..
ساق الحياة مكسورة
بدونك أيتها الأم.

أشياء أخرى غريبة

أصبح عندي صرصارا..
لا يوجد في هذه المدينة عصافير,
و لكن يوجد بديلا, زقزقة الصراصير

و أصبح عندي
فستانا شتويا
قصيرا

و جزمة كاوبوي
و أشياء أخرى
غريبة و مجنونة

هيا نعلق رأس السنة الجيدة من شعرها

Photo by André Kertész
Photo by André Kertész

إنها ليلة السنة الجديدة

سوف نقطع رأسها

و نعلقه على عامود الكهرباء

اكسروا تلك القناديل المعتمة

اقلعوا تلك العين الفارغة

التي تسمى لمبة

هيا نعلق رأس السنة الجيدة من شعرها

هناااااك

لنضيء المدينة المرة الألف

و ندهن البيوت بلون واحد

أخضر

ثم ارقصي

رقصتك يا حبيبتي

لتشتعل قَدَم المدينة

و يتساقط المحتفلون بالأيام القادمة

حول عدمك

و تتحطم كؤوسهم بين أصابعك..

مرايا البلاط

image
Photo by Brian Micklethwait

مرآتي يا مرآتي
من الأقبح:
هم أم العجوز التي تطير على مكنسة من القشّ؟
ألصقوا صور وجوههم على جدران الشوارع و البيوت
و المنتزهات, و في كل مكان
و لولا الله لألصقوها على وجوهنا و قالوا: انتخبونا

مرآتي يا مرآتي
ان أعطونا حق التصويت
فلن نضع اشارة صح أمام الاسم الذي وعدنا بالحرية
سوف نرسم على الورقة صور شهدائنا
أو نضع فواتير الكهرباء
أو نستبدل أوراق التصويت برسائل حب أو تهديد!

مرآتي يا مرآتي
أين تتكسر مراياهم
و من يلم فتات وجوههم
حين تتناثر على بلاط الظلام..

يسألونكِ, يا مرآتي, وجوهنا أم وجوه العمال؟
فماذا تجيبين؟
بحق عربة الخضار التي قتل صاحبها
بحق خيم الأمل في ميدان التحرير

مرآتي يا مرآتي
يعلقونك في الغرف و ترين وجوههم وقت الحلاقة
ليت واحد منهم
نظر فيكِ
حدّق.. تمعّن.. و رأى في عينيه
ألف عين تبكي من بطشه.