حرب بعد حرب

…في كل حرب تحدث أدرك ما تغيّر في شخصياتنا فيزيائيا و عقليا

.. في الحرب الأولى 2008 كان أبي قويا بكل الأوجه، يقرر كيف و أين يحمينا، يصرخ فينا “بسرعة سيبوا كل شي و اركضوا”، قام بتقسيمنا في سيارتين حتى تكون احتمالية النجاة ممكنة، وضعني أنا و أختي و أخي الأصغر و أمي في سيارة و ذهب هو و بقية اخوتي في سيارة أخرى.. كان القصف حولنا بشدة بينما كنا ننظر خلفنا طوال الوقت لنتأكد أن أبي و اخوتي لم ينفجروا بعد.
في تلك الحرب كان همي الوحيد هو نجاة بيتنا لأنني تركت ذكرياتي المفضلة في غرفتي. لم أكن أفكر بشيء آخر غير البيت.


في حرب 2012 أصبت بردة فعل عكسية و صرت أضحك بهستيرية على الدمار، لم أفكر في نجاة بيتنا، كنت أفكر فقط في غرفتي و أحلم بليلة ساكنة و نوم عميق جدا بدون تقطع.. كان أبي متعبا إلى حد ما من التفكير بطريقة لحمايتنا من الصواريخ و القذائف.


في حرب 2014 كنت خائفة من كل شيء، لم أعد أفكر في البيت على الاطلاق، نسيت البيت. فكرت في جسدي، اكتشفت أن جسدي هو بيتي و لم أطق تخيل فقدان ساقاي أو عين أو أي جزء من جسدي.
أبي كان يتقدم في العمر، كان يركض بعكازه و كان قد قرر حمايتنا في أماكن اللجوء في مدارس الوكالة.


في حرب 2021 أنا خائفة من صوت طائرات الرحلات السياحية في استكهولم، أضع اصابعي في أذناي كي لا أسمع صوت القطارات، خائفة على أهلي في غزة..
أبي فقد قدرته على حمايتنا، اخوتي يقررون كيف يحمونه و يحمون ما تبقى من ذاكرته.


في الحرب القادمة لا أعرف حقا ما سيحصل، لا أعرف بتاتا.. لا أريد أن أعرف..

Leave a Reply

Fill in your details below or click an icon to log in:

WordPress.com Logo

You are commenting using your WordPress.com account. Log Out /  Change )

Twitter picture

You are commenting using your Twitter account. Log Out /  Change )

Facebook photo

You are commenting using your Facebook account. Log Out /  Change )

Connecting to %s