الألم مجرد روتين سيء

Zinkensdamm


استمر ألم رقبتي لشهر، خمنت أن سبب الألم هو طاولة المكتب، فغيرتها، ثم غيرت الكرسي إلى كرسي مخصص للعب لأن حجمه ك يناسبني، ثم غيرت وسادتي، كدت أغير العالم من أجل رقبتي.

حدث نفس الألم العام الماضي، ذهبت إلى الطبيب، قام بفحصي و استنتج أن الألم مجرد روتين سيء و أعطاني حبلا مطاطيا مع بعض التعليمات كي أستخدمه في تمرين و تحريك رقبتي و ظهري. ذهبت إلى الطبيب ثلاث مرات حتى شعرت بالسخافة و توقفت، لم يعجبني أسلوبه بتاتا، قلت لشريكي ‘كان الأجدى أن يرسلني ذلك الطبيب الرقيق إلى فحوصات بدل تمارين المطاط، الأطباء في غزة يقررون المشكلة و العلاج من الجلسة الأولى، لا أحب الأطباء السويديين البطيئين القاتلين’. ضحك شريكي و قال ‘هل أردت الطبيب أن يخترع لك مرضا كي ترتاحي؟’.

أمس قررت أن أحجز بنفسي موعدا مع طبيب خاص ليحل مشكلة رقبتي، قرأت آراء المرضى على صفحة العيادة في جوجل مابس، كانت كلها ايجابية و كل المرضى قيّموا العيادة بخمس نجوم. و بالفعل ذهبت و في طريقي تمشيت تحت المطر مثل تحضير رومانسي، كانت محطة زنكنسدام مملة كالعادة و ما أن خرجت منها حتى تلقفني الشارع المشغول ببعض العجائز، ففي وقت ما بين الصباح و الظهيرة، يكون الناس في العمل أو المدارس، بينما تخرج العجائز للتسوق أو أي شيء…

دخلت العيادة و انتظرت لدقائق حتى أتى الطبيب سيامون، كان يرتدي الكمامة، جيد، نسيت أن آخذ كمامة من صندوق الكمامات الموضوع على طاولة الانتظار، مع ذلك لم يهتم الطبيب. دلفت وراءه مثل قطة، أغلق الباب و بدأ يستجوبني عن تاريخ رقبتي، سردت عليه كل التفاصيل، لم أكن مرتاحة و هو يحدثني من خلف الكمامة، و بينما كنت أشير له عن أماكن الألم في ظهري أيضا، تذكرت أن بثرة صغيرة ظهرت قبل أيام بجانب فمي، كدت أضحك، ربما تذكرت بثرتي البشعة لأنني لو ارتديت كمامة لاختفت، تلك البثرة تشاركني مؤخرا في أفعال كثيرة، إنها تأكل معي و تتحدث مع الناس معي و تعمل معي، حتى أنها تغضب مثلي و تكبر أكثر اذا لمستها… ضحكت أكثر حين تخيلت أن الطبيب يخاطب بثرتي حين قال ‘اخلعي البلوزة و تمددي’.

بدأت يدا سيامون تضغطان على كتفي و رقبتي، قال ‘سوف أستعير ذراعك قليلا.. هل يؤلمك الضغط هنا؟’ قلت ‘لا’، ثم ضغط على رقبتي و كل مكان في ظهري و هو يعيد نفس السؤال و أنا أنفي. قال ‘لا يوجد أي شيء لتقلقي، مجرد تصلب و تحتاجين إلى الراحة و بعض المساج (التدليك)’. ثم فجأة ضغط على جناحي ظهري بقوة حتى سمعت صوت عظامي تطقطق، شهقت بصوت عال، لم يحدث ذلك أي ألم، مجرد سماع عظامي أحدث الرعب في داخلي، لكن سيامون طمأنني و قال ‘الآن ستسمعين صوت عظام رقبتك، هل تسمحين لي بمعاقبتها’. قلت ‘أجل أجل’. كان رأسي متدلٍّ في فتحة مخصصة في نهاية السرير مثل غطاء برميل، تابع سيامون ‘هل التدليك هنا يحدث ألما’. قلت من عمق البرميل ‘نعم، لكن لا يهم’. كرر سيامون السؤال عدة مرات و هو يضغط و يطقطق عظامي، شعرت بأنني يجب أن أوقفه عن ذلك و عليه فقط أن يتابع عمله، قلت ‘أتيت إلى هنا لأنني كنت أريد يدان تدلكان رقبتي بقوة و تعاملانها مثل عجينة’.

Leave a Reply

Fill in your details below or click an icon to log in:

WordPress.com Logo

You are commenting using your WordPress.com account. Log Out /  Change )

Twitter picture

You are commenting using your Twitter account. Log Out /  Change )

Facebook photo

You are commenting using your Facebook account. Log Out /  Change )

Connecting to %s