كنتُ أريدُ أن لا ننام
أن تفتحَ البابَ وتضعَ حقيبةَ ظهرِكَ الحمراءَ
على الأرض
أن تخلعَ حذاءَك القاسي
وتُعَلِّقَ مِعطَفَك
بعدَ ذلك نستطيعُ أن نبدأ
بما تبقّى مِنك
ويَمشي في العتمةِ بعيداً عن مِقْبَضِ الباب
مادّاً ذِراعَيْهِ أمامَه
مُتَحَسِّساً الجدرانَ والأثاث.
حتى الآن الكلماتُ لا تخرجُ من فَمِك
ولكنَّني أسْمَعُك
وقد أضأْتَ مِصباحاً
وكلُّ هذه التُّحَفُ الصغيرة
التي لا تعرفُ ماذا ستفعلُ بها
ستملأُ الغرفةَ مرةً واحدةً بالظلال
وبينما تزدادُ العتمةُ في الخارج
ستعْبُرُ أمام النافذةَ الواسعة
التي تُطلُّ على صفٍّ من الأَشجار
ثم تشعُرُ للحظةٍ بغرابةٍ أننا نتَشاركُ مع هذه الكائناتِ الغامضةِ نفْسَ العالَم
هذا سَببٌ كافٍ لأنْ نُخْفِضَ أصواتَنا
ونتحركُ بلا ضجَّة
بِبُطْءٍ
كما لو أن أحداً ما أعارَنا أجسادَنا لِلَيْلَة.
كلُّ شيءٍ حَيّ
حتى لو لم يكنُ يملكُ قلْباً
حتى المركباتُ القليلةُ التي تعبرُ الشارعَ الآنَ
تبدو كَذِكْرى
والمتظاهرون الذين كانوا هنا في الصباح
لقد تفرَّقوا منذُ ساعات
والساحاتُ خاليةٌ منهم
ولكنهم تركوا وراءَهم شيئاً: كما لو أنهم قد غادروا للتَّوّ
نحنُ نعرفُ الآنَ أن ابتساماتِهِمُ
تنزلُ عن أعمدةِ الكهرُباءِ حيثُ علَّقوا أجْسادَهم
انظر معي
الليلُ انتشرَ في كُلِّ مكانٍ
حتى النباتات تبدو كأنها تعرف ذلك
وبدأت تُنصت
ويكفي أن تجلسَ هنا
دون أن تفعلَ شيئاً لتبدو
جميلاً
ولكنكَ تحاولُ أن تجد سبباً للخروج
على الرُّغم من أن الليلَ طويل
أيها المطرُ اهطُل على هذه المدينة
هناك حواجزُ كثيرة
وجنودٌ على مداخلِ المدينة
ومَن يدري
إذا خرجنا قد لا نعرفُ كيف نعودُ إلى بيوتِنا
ولكنَّنا وُلِدنا للتَّوّ
ولا نعرفُ أين نحنُ بالضَّبط
وفي الليل نحن والأشجارُ نصبح
عائلةً
وهذا سببٌ وحيدٌ وكافٍ
لأَنْ نُسمّي هذا العالَم
الشاسعَ والغامضَ