بار الرجال الخرائيين

صورة معلقة في هانكس هيفين/ تصوير كوثر

انتقلنا إلى هذا الحي الجديد منذ سنة و نصف. حي أسميه ‘أوفي’، لأنه يشبه إلى حد ما أحد الأفلام السويدية في السبعينيات، البيوت واطئة مكونة من ثلاثة طوابق و بدون مصاعد كهربائية، يفصل البيوت أو العمارات حدائق صغيرة فيها مراجيح و مكان مخصص للشواء.
الحي يختلف تماما عن الحي الذي قطنت فيه مسبقا، لا وجه شبه بينهما. فمثلا الحي السابق كان يصخب بحياة الهبسترز و كنت الوحيدة التي أحمل بشرة ملونة لدرجة أن الجيران الشقر جميعهم حفظوني، لم أميزهم لأنهم كانوا كلهم بلون واحد و صمت و خجل متشابه.
لطالما مررت عن بار ‘هانكس هيفين’ ذهابا و ايابا من محطة القطار. البار يقابلني خروجا من جهة اليسار، أمشي إلى البيت و أحمل في مخيلتي شكل البار كما أتوقع من روّاده المتقاعدين و المدمنين الذين نسميهم ‘خيت غوبّار’ (رجال خرائيّون). لا بد و أنه مكان مثل زريبة الخنازير.
في بداية الصيف الماضي، و في طريقي إلى العمل باكرا، رأيت مجموعة من الخيت غوبّار يستندون إلى جدار محطة القطار و عيونهم المتعبة تنظر بتلهف إلى باب البار، بالطبع كانوا ينتظرون الباب ليُفتح لهم بعد ساعة!
لقد استكشفت الحي بأكمله: المقاهي، المطاعم، الدكاكين، المتاجر الصغيرة، القطط البيتية المسموح لها بالتجول في الشوارع… إلخ. و اليوم حان موعد استكشاف بار هانكس هيفين! لقد فكرت بذلك عدّة مرات، الأمر يحتاج التجريب، لم لا؟ ذهبت مع شريكي لتناول العشاء هناك، بضع دقائق حتى وصلنا و دخلنا. كان البار يعج بالغرباء. شاب بشعر أحمر و صديقته بشعر بنفسجي و كلاهما بقصة شعر تشبه ذيل الفرس، يجلسان على نفس المقعد الطويل و يتبادلان القبل، قرب الشباك كان يجلس مجموعة خيت غوبّار يكرعون البيرة و يثرثرون بصوت عال… جيد أننا وجدنا طاولة فارغة، طلبنا بيرة و بدأنا نشربها بينما كنا نتفرج حولنا بذهول! الطاولات قديمة جدا و جلد الكراسي متقشر، صور بعض شخصيات مسلسل فريندز معلقة على الجدران، صورة مارلين مونرو، صورة كبيرة تجمع أول رجال خرائيون ارتادوا البار، صورة أسد…
وصل العشاء، كان سيئا بشكل متوقع. بدا و كأن الطباخ اشترى صوص النبيذ الأحمر من مكان رخيص و سكبه على قطعة الانتركوت الجافة ثم قدمه لي بكسل، لأن ذلك المكان فقط للبيرة الرخيصة و الحياة السريعة المتقلبة بلا مبالاة، تماما مثل أولئك الرجال.. كان المكان يستحق المحاولة، مكان بعيون فاغرة في الفراغ. أمسك شريكي يدي، كان سعيدا جدا، نظر إليّ بعينيه الزرقاوين و قال ‘يجب أن نأتي إلى هنا مرة أخرى، لكن في الصيف، و نجلس في الخارج و نثرثر مثل خيت غوبّار، إنها فرصة للتخلص من الأفكار المهمة’.

Leave a Reply

Fill in your details below or click an icon to log in:

WordPress.com Logo

You are commenting using your WordPress.com account. Log Out /  Change )

Twitter picture

You are commenting using your Twitter account. Log Out /  Change )

Facebook photo

You are commenting using your Facebook account. Log Out /  Change )

Connecting to %s