قط المزارعين الكئيب

قبل خمسة شهور وجدت قطا على موقع سويدي للبيع و الشراء، فورا تواصلت مع صاحبة القط و كنت على عجلة من أمري، أردت أي قط، المهم قط. رفض كل البياعين بيعي لأنهم اشترطوا أن القط يحي أن تكون له حرية دخول و خروج البيت متى شاء، بينما أنا أعيش في شقة في الطابق الأخير و من المستحيل حتى أن أضع خشبة طويلة جدا تصل بين البرندة و الأرض تعمل عمل السلم لقط المستقبل.

وافقت صاحبة القط بيعي، تبادلنا أرقام هواتفنا و بدأنا التواصل و الاطمئنان على القط، أرسلت لي صورا و فيديوهات للقط و هو يلعب و هو نائم و هو يأكل…

اتفقنا لزيارة القط بعد أسبوعين، حتى ألقي التحية و التعرف عليه. و بالفعل ذهبت مع روبين شريكي. كانت ليسا صاحبة القط تعيش في لامكان، أعني أن بيتها يقع بعيدا جدا، غيرنا أرقام باصات كثيرة حتى وصلنا العنوان المحدد. جاءت ليسا إلى حديقة الحارة التي تعيش فيها، كانت تحمل القط بذراعين مغطيان بالوشوم، كانت حريصة على تباعد المسافات بيننا، وضعت القط على الأرض، كان القط خجولا جدا لدرجة أنه زحف و خبأ رأسه في جاكيت روبين… كنت أود لو بامكاننا مقابلة أم القط أيضا و اخوته الصغار، و لكن ليسا منعت ذلك لاحتياطات الكورونا.

بعد أسابيع قليلة، اتصلت علي ليسا حزينة جدا و أخبرتني أنه بامكاننا الذهاب لأخذ القط في أقرب وقت، لأن أمه قضت في حادث سير. يا للمسكين، قطي فقد أمه في شهره الثاني… ذهبت مع روبين و أبيه لأخذ القط، و فور وصولنا بيتنا، أطلقنا القط… ركض القط الذي سميناه قبل ساعات ‘تيغّي’، ركض مذعورا و اختبأ في حذائي. كان صغيرا جدا، بامكاني وضعه في حقيبة اليد.

لم يغاد تيغي حذائي حتى حلول الليل، كنت قلقة عليه، لم يأكل و لم يشرب، و ربما بال في حذائي؟. لكنه ترك مكانه في الليل و بدأ يتمشى في الشقة و يشم كل شيء حتى أنه شم الجدران. عندما ذهبنا إلى النوم، بدأ يماوي بصوت عال، ظننت أنه لم يعرف أين وضعت له الأكل، فنقلت الصحن و وضعته أمامه، لكنه أطلق مواء مرتفعا كالغضب و فرّ مني…

في منتصف الليل، اقتحم تيغي غرفة النوم، قفز بسرعة على الستارة و تسلقها و وقف في الأعلى و بدأ يماوي بصوت أكبر من حجمه!

كانت تلك أول ليلة مع قط المزارعين، تيغي. صياح و تسلق ستائر! و هكذا لمدة أسبوع… أصبت بالكآبة من سماع صوته و اختبائه في الأحذية و خلف الوسائد. مسكين، فقد أمه و فوق ذلك قمنا بأخذه من بين اخوته.

فكرت بأنه من الأفضل أن أجد حلا لقطي الكئيب الخائف، سألت البيطري عن المشكلة، فقال بأن القط سيتعود على بيته و أصحابه الجدد، ربما سيأخذ حوالي سنة. يا إلهي، سنة؟ القطط أكثر ألفة من أن تمر سنة و هم خائفون من أصحابهم.

اقترح صديق بأن آخذ تيغي إلى طبيب نفساني، قلت له بجدية ‘دلني على أحدهم’. تحمس الصديق و قال بأن له صديقة متخصصة بالطب النفسي للحيوانات. في اليوم التالي عاد صديقي و قال ‘للأسف، صديقتي متخصصة بالكلاب فقط’.

الآن مر خمسة أشهر و قطي لم يتغير. حسنا، تغير قليلا، صار يرفع ذيله عندما نضع له الطعام! كأنه يقول ‘شكرا’.

في صباح الخميس الماضي، استيقظ قطي على فاجعة اختفاء صحونه، نظر إلي مصدوما ‘أين خبأتم صحوني؟ أين الطعام؟’. كان ذلك من أجل عملية الاخصاء التي ستتم بعد الظهيرة.

عاد قطي الصغير إلى البيت مخصيا، ما زال كئيبا و خائفا. كنت بالمقابل أكثر كآبة منه. كأنني جلبت لنفسي المتاعب. بدأت ألقي اللوم على ليسا، تلك المرأة الغبية التي لم تسمح لي بلقاء عائلة قطي. ليس لدي أدنى معرفة كيف كان قطي مع عائلته، هل كان سعيدا

و اجتماعيا؟ هل كان منبوذا و وحيدا؟ هل عاملته ليسا معاملة سيئة؟ لم يعتنِ به أحد جيدا؟

الآن قطي، قط المزارعين، يجلس على الكرسي في المطبخ، ينظر إلى تحركات أقدامنا و يستعد لمهاجمة أي أحد يقترب منه.

Leave a Reply

Fill in your details below or click an icon to log in:

WordPress.com Logo

You are commenting using your WordPress.com account. Log Out /  Change )

Twitter picture

You are commenting using your Twitter account. Log Out /  Change )

Facebook photo

You are commenting using your Facebook account. Log Out /  Change )

Connecting to %s