يومياتي في مصنع البلازما 1

منذ أيام قليلة بدأت العمل في أوكتافارما، أكبر شركة عالمية منتجة للبلازما و البروتينات البشرية. و بالفعل إنها شركة كبيرة، أقصد هنا حجم مبانيها الواقعة في استكهولم. يصل بين المباني جسور و يوجد مصاعد كهربائية في كل مكان إلى جانب السلالم و المكاتب و غرف الاستراحة و المطعم الواسع…. و الأهم من كل ذلك، الأبواب. لا أستطيع تخيل عدد الأبواب هناك، انها أشبه بمتاهة، خصوصا انني أسوأ شخص في العالم في تحديد الاتجاهات و معرفة الطرق.
عملي مع البلازما يتطلب ملابس خاصة، معقمة بعناية فائقة، نقوم بتغييرها في غرفة كبيرة، تحتوي على مئات الخزانات و الأقفال و لكل شخص مفتاح و خزانة يضع فيها ملابس التغيير.
المهم أن خزانتي موقها في غرفة تغيير تم بناؤها حديثا، و للوصول إليها، أحتاج العبور عبر آلاف الأبواب و المصاعد و الجسور و النزول تحت الأرض ثم الطلوع و فتح الباب النهائي ببطاقة مغناطيسية.
اليوم غادر زملائي العمل باكرا، و قد نسوا أن هنالك فتاة ضائعة لا تعرف الاتجاهات. فكرت بانني يجب أن أتعلم بسرعة طريق الوصل إلى غرفة تغيير الملابس و منها إلى موقع عملي و ثم الطريق إلى البوابة الخارجية للعودة إلى البيت. كل تلك الطرق المهمة لا أعرفها بدون رفقة روني، الشاب المسؤول عني في العمل.
جلست في غرفة شرب القهوة، و فردت في ذاكرتي خريطة الشركة و الطرق المؤدية إلى غرفة ملابسي. ثم ذهبت باتجاه الجسر الذي بدا لي ممدا في جهة الغرب، ثم انعطفت إلى جهة اليسار ثم دخلت بابا و نزلت ثلاث درجات، طلبت المصعد الكهربائي و نزلت إلى الطابق الأرضي حيث أذكر أن الغرفة هناك، لكن وجدت شيئا غير ذلك. تحولت غرفة ملابسي إلى مخزن تجميد البلازما؟
شعرت باحباط و خوف شديد و كدت أبكي، ذهبت بالمصعد إلى الطابق الخامس، و هناك لم أعرف كيف أعود إلى غرفة القهوة، ضعت تماما، و لم يكن ثمة شخص أسأله ليدلني. مشيت على الجسر بيأس.. و في نهايته وجدت زميلي ليف، قلت له أنني أحتاج تغيير ملابسي و العودة إلى البيت، قال ‘جميل، أراك غدا، باي’. بسرعة استدركته ‘لا لا، أريد مساعدتك في ايجاد ملابسي’. سألني ‘أين هي؟’. قلت له ‘تحت الأرض’. تشوش ليف و شرحت له طريق الوصول، لكنه لم يقتنع لأن الطرق التي وضحتها له كانت باتجاهات غير منطقية، فقرر أن يتصل بروني، الشخص الوحيد الذي يعرف أين ملابسي. وصلني صوت روني الغاضب جدا من سماعة تلفون ليف، ‘يا للجحيم، يجب أن تعرف كل الأبواب و الطرق…’.
أخيرا وجدنا غرفة ملابسي… قبل أن يتركني ليف في الغرفة، تأكد من أنني سأعرف كيف أغادر الشركة. و هكذا عدت إلى البيت متأخرة جدا.

71230120_10217403530055204_4254112544878231552_n
صوة بجانب باب غرفة تغيير الملابس, توضح امرأة تقف تحت الدوش لضمان النظافة قبل الدخول إلى غرفة فلترة البلازما.

Leave a Reply

Fill in your details below or click an icon to log in:

WordPress.com Logo

You are commenting using your WordPress.com account. Log Out /  Change )

Twitter picture

You are commenting using your Twitter account. Log Out /  Change )

Facebook photo

You are commenting using your Facebook account. Log Out /  Change )

Connecting to %s