شجرة لا أستطيع نسيانها.. شجرة التوت التي كانت في مزرعتنا. كنا ننتظر عطلة الصيف بفارغ الصبر كي يربط لنا أبي حبالا متينة في أحد جذوعها، و يضع في المنتصف وسادة و تصبح أرجوحتنا طيلة الصيف الحار. كنا نستيقظ قبل شروق الشمس و نتسلل إلى المزرعة لأجل التمرجح و تسلق الشجرة لقطف التوت، و صناعة الكيك بالرمل الطري من كثرة الندى. و لكن كل ذلك انتهى حين تشاجرنا و اكتشف أبي سر اختفاء بيض الدجاجات، لقد عرف أن أختي كانت تكسر البيض و تخلطه بالرمل الندي لتصنع الكيك لنا، و عرف أن أخي كان يقطع الأسلاك الصغيرة من قفص العصافير كي يصنع نظارات لي لأنني كنت أمثل دور القارئة الجدّية.. حمقى، لقد كسرتم تعبي. لم يفهم أحدنا شيء، كنا خائفين من غضب أبي، و لشدة الخوف تخيلت أن أحبال الأرجوحة سوف تتحول إلى مشنقة. عاقبنا أبي باغلاق المزرعة، و انصرفنا جميعا إلى البيت و عدنا إلى لعبتنا القديمة نبني خيما من الوسائد و الأغطية و الفراش الاسفنجي.