دعوت قبل يومين لحضور عيد ميلاد باربرو، ستبلغ عامها السبعين. قرأت الاميل مرتين و فكرت لماذا كل تلك المبالغة؟ كتابة خطاب لعيد ميلادها، هدية تذكرة طائرة لايطاليا، حجز صالة كبيرة.. إلخ.
رسمت صورة سريعة عن باربرو، ستكون عجوزا طاعنة في الكبر و الخطوط المجوفة في الوجه، فأنا لم ألتقِ بها من قبل، أخبروني عنها القليل حتى آخذ فكرة سريعة عن حياتها و أحتفل معهم بها.. مجرد امرأة كانت تمتلك متجر ملابس في احدى ضواحي استكهولم، كانت تخيف أطفال العائلة و تخبرهم قصصا عن الدببة التي تقتحم الصالون و تأكل الأطفال الذين يسهرون لمشاهدة التلفزيون..
ذهبت إلى قاعة الاحتفال، كانت باربرو تستقبل المعازيم، شعرت بالخجل و الصدمة عندما عانقتني و أبدت سعادتها لحضوري، كانت تبدو امرأة في منتصف الأربعين، غير معقول!، ترتدي فستانا جميلا و حذاء بكعب متوسط و شعرها مسرّح ببساطة و مصبوغ بلون أشقر غير مبالغ، و مكياج رائع..
مدّ صديقي إليّ كأس عصير، و كالعادة وقفت إلى جانب الشباك لأتفادى أية محادثة قد تجري بيني و بين أحدهم بالسويدية، و بدأت بشرب العصير ببطء كأنه نبيذ و أنا أتأمل تلك المرأة السبعينية الطاعنة في السعادة و الاحتفال.
كان عيد ميلاد باربرو مشحونا بالمشاعر و الكل يتبادل الذكريات معها.. لم تفرغ الكؤوس من النبيذ طيلة المساء أبدا.
يجب أن لا ننتظر انتهاء أعمارنا و نختمها باليأس و الحزن من وداع الأصدقاء.. بامكاننا الاحتفال و السفر حتى آخر يوم و حب.