
مضى شهر على ذهابي و ايابي إلى مزرعة الحيوانات, أذهب فقط لأمرض, ولا شيء غير ذلك!!
لا أقصد طبعا مزرعة الحيوانات التي رواها جورج أوريل, انها مزرعة بشرية مقرفة و مرعبة و معتمة إلى أبعد حد..
في اليوم الأول دخلت المزرعة متفائلة, قلت في نفسي سوف أعلم الحيوانات كتابة القصص الابداعية و قراءة الشعر و التمرد على القوانين, و لكن سرعان ما تحول هدفي إلى آخر عدواني و هو التخلص من الجميع و حرق الكتب الموجودة
يا الهي سامحني, انها ليست مدرسة, انها مزرعة حيوانات, يأتي الطلاب اليها مثل قطيع أغنام, أو مثل حمار يحمل أسفارا و لا يفقه شيئا..
في ذلك المكان الفاشل المدعو “مدرسة”, لقد سقطت يا مالكوم نولز, و لقد جرجروك يا سكنر.. و أنتِ أيتها النظريات التعيسة لقد داس عليك الأساتذة و الطلاب و المدير, جميعهم داسوا على رقبتك..
قلت غدا سوف أبتكر نظرية جديدة أطبقها على هؤلاء الطلاب الذين يأتون إلى المدرسة بغير رغبة منهم, يدخلون البوابة الكبيرة بأقدام متخاذلة و نوايا سيئة جدا تجاه المنهاج الدراسي و الأساتذة.. إلا أنني لم أنجح حتى الآن في التعامل مع طلابي. أعطاني الأستاذ المشرف بضعة نصائح في كيفية التعامل مع الطلاب, جميع المعلمات و حتى المديرة كانت نصائحهن قوية جدا و تميل إلى العنف و استعمال الوسائل الحرجة لتدريس الطلاب: الاذلال, الشتم, تمزيق دفاتر المشاكسين, أن أعقد حواجبي عند دخولي الفصل و عند خروجي منه, أن أمسك عصا لارهاب الطلاب..
و بالفعل طبقت نظرية العنف مع طلابي, و لكن فشلت مرة أخرى..
ذهبت أبحث عن نظريات جديدة لا أعرفهافي الكتب و على الانترنت, و تفاجأت بأن جميعها تحتوي على لمسة عنف.. يا للغباء, أين أنت يا جون واطسون؟
سلوكيات الطلاب لا تدل على اقدامهم الى التعلم أو احترام المعلم.. أسوأ ما في الطلاب أن روحهم العلمية شبه ميتة. صدمت حين وجدت أن معظم الطلاب لا يعرفون القراءة مع أنه في مثل مستواهم الدراسي ( ما بين الصف الثامن إلى نهاية المرحلة الثانوية) يجب أن يكونوا قادرين على القراءة و الكتابة أيضا! هل يرجع السبب في ذلك الى الطالب نفسه أم الى الأستاذ؟
حسنا, مزرعة الحيوانات لا تتوقف عند الطلاب فقط, بل تمتد إلى المعلمون..
في غرفة المعلمات جلست, ما هذا الهراء؟ كل أحاديثهن تدور حول الطبخ و الغسيل و الزواج.. كنت أشعر بأنني سوف أختنق حتى الموت إن بقيت في ذلك المكان المتعفن.. اختلطت الفيزياء بالفاصولياء و الأحياء بالزواج و السعي الى الانجاب.. لم تكن أحاديث المعلمات منطقية أبدا, و لم يكن ثمة حديث يتناسب مع مستواهن الثقافي في مكان ينشر العلم!
تمنيت أن ألتقي بمعلمة تقرأ روايات لتيلير أو لوركا أو نيتشة أو حتى محمود درويش!.. إنهن لا يستمعن الى الموسيقى و لا إلى الاغاني..
المعلمات لسن مثقفات, مهمتهن الوحيدة هي تدريس الكتب للطلاب و العودة الى البيت لاستكمال مهام حياة المرأة التقليدية من طبخ و جلي و تربية الابناء..
بالمناسبة, مهنة التدريس تفسد حياة الشاعر و الكاتب، سيمضي أوقاته يتحدث عن مكائد أصدقائه الأغبياء و الثرثرة عن الطعام و انجاب الأطفال.. أسوأ مكان ممكن الذهاب إليه يوميا هو الذي توجد فيه مقاعد للتعليم و الانتحار !
هل هنالك معلمون, دكاترة و أساتذة, و مربون, سوف يقفون إلى صفي إذا ما خرجنا مسيرة ضد المدارس ( و بالطبع الجامعات, و لكن لهذا حديث آخر) من أجل المطالبة بتحسين الوضع التعليمي في بلادنا؟.. مثلا لماذا لا يتم وضع كتب موسيقية و ادخالها ضمن المنهاج الدراسي المقرر؟.
أن تشجع الحكومة بناء المدارس التي تهتم بتدريب المتعلمين على الحرف اليدوية, و بذلك سوف يقل عدد الطلاب في المدارس و بالتالي يخف العبء على المعلمين في عملية التعليم..
أن يتم استبدال النشيد الوطني بأغاني لفيروز أو موسيقى باخ أو أغاني زياد رحباني في حالة كان الطلاب و المعلمون متذمرون من الوضع المعيشي و من الحياة.. أي أن يُعين عامل مخصص للجرامافون أو أشرطة الموسيقى ليفتحها صباحا و في أوقات الفراغ حسب مزاج الطلاب و المعلمون..
فرض عقوبة على الطلاب الذين يأتون إلى المدرسة و يهملون واجباتهم و يقومون بالفوضى, و ذلك باحالتهم الى العمل في الحرف اليدوية, لأن مجرد حضورهم في المدرسة يكون بسبب رغبة أهاليهم و ارسالهم الى مكان لا يريدونه..
هذا المقال مفتوح, و قابل للتعديل و الزيادة..
فأهلا بكم في أي وقت!
معلش يا أختي ردي كان متأخر بعض الشىء و لكن أعتقد أن الجو التعليمي عندنا لا يحفزنا على الدراسة فالأساليب المتبعة مقززة و مملة و تدعو الى الاكتئاب و تجعل عند الطالب بعض من الجنون فتحملي و احتسبي أمرك الى الله
LikeLike
احمدي الله فشعور المعلم في هذا الوضع المزري ارحم من شعور الطالب الذي يتحمل نتائج القوانين المتخلفة وكأنه معمل للتجريب كان الله في عونك مهنة التدريس مهنة صعبة وممله
LikeLike