لماذا يحب أهل غزة الغرباء؟. أي غزي يمر عنه أجنبي و لا يتركه إلا بسلام أو بابتسامة عريضة أو حتى بعناق؟. من ناحية أخرى, لماذا يحب الغرباء أهل غزة؟ فمن السهل أن يقع الغريب في حب الغزي. سوف أجيبك ببساطة؛ لأننا ( نحن الغزيين) ننتمي إلى ذلك النوع البشري الطيب و الواضح.
قبل أيام وصل صديقي طلحة غزة, الشاب الذي ينحدر من أصول افريقية ذات ثقافة ممتزجة باللون الأبيض التي ورثها عن أمه الشقراء. للوهلة الأولى ظننت أنني أصافح شابا فلسطينيا لشدة ما بدا على وجهه من ملامح فضولية تتوق إلى اكتشاف كل بقعة في غزة, كان يلف حول عنقه الكوفية, يمشي باختيال و يحاول أن يكون “غزاويّا” بكل خطوة يمشيها في الشارع.
سألته إن كانت غزة كما كان يتوقع قبل رؤيتها أم لا, هز رأسه بمكر و قال ” نعم, كما كنت أتوقع, جيدة”. و في الحقيقة هو لا يعرف عنها شيئا. التزمنا الصمت لدقائق ثم عدنا للحديث, شعرت بأنني بحاجة إلى الصمت مرة أخرى, فنحن في مكان يحرضنا على الصمت و التفكير و الوجع..
اقترحت على طلحة بأن نغادر خيمة التضامن مع الأسرى المضربين عن الطعام في سجون الاحتلال الاسرائيلي, الخيمة البائسة في وسط حديقة الجندي المجهول.. امتد بصره نحو نساء مضربات عن الطعام و قال بارتباك ” لنخرج من هنا”.
في شارع عمر المختار, غريب يمشي مع فتاة غزية, المارة يلتفتون إليه, عيونهم لا تخطئ الغرباء.. من أين أنت؟. أترجم للغريب ما يقوله الرجل الغزي, فيقول طلحة ” أنا من جنوب افريقا”.