الموت السعيد !

ارتديت ملابسي بسرعة و أخذني أبي الى المستشفى، وضعوني في غرفة رديئة جدا، أنفاسي تتلاشى من رئتي، أكاد أختنق.. ظننت أن الأطباء يختبئون في زاوية ما, ينتظرونني أن أموت.. لا أحد في الغرفة، أبي يبحث عن ممرضة، لكنهم مشغولون في غرف أخرى مع مرضى آخرين.. يا لها من مستشفى!، لا يعتنون جيدا بالمرضى، أريد أن أبكي و لكنني لا أستطيع لأنني أشعر بألم شديد ينتشر في وسط صدري و أشعر بدوار في رأسي كما و لو أنني أجدف في عاصفة هائجة.. كنت أسمع صراخ امرأة في الغرفة المجاورة، تستنجد الأطباء، و في غرف أخرى أطفال يئنون، شعرت أنني في الجحيم.. شعرت أنني في تلك المستشفيات التي كانت تعتني بالجرحى القادمين من حرب أمريكا و الفيتنام، كانت الجرذان تركض تحت السرير، الجرحى تزداد جروحهم من سوء عناية الأطباء بهم.. هكذا كنت أنا ليلة أمس، صببت لعناتي على الأطباء، إنهم أطباء و فيزيائيي حروب، يفتقرون إلى الانسانية.. أنفاسي تختنق، و أبي يبحث عن طبيب يسعفني، و أخيرا بعد وقت جاء طبيب عابس الوجه، لم يبتسم أبدا، فقط جاء مثل الأعمى و الأبكم، فحص صدري ببلاهة و قال ” لا شيء بك، تنفسك جيد”.. و أنا أختنق. كان الأطباء هنا مثل الأطباء في اسرائيل، كي يعتنوا بك جيدا يجب أن تدفع لهم رشوة -مبلغا باهظا من الثمن، كان وضعي الصحي يتدهور أكثر فأكثر.. فضلت أن أموت في البيت، فكرة أن أموت في مشفى قذر، فكرة أن أموت بين أطباء حمقى، فكرة أن أموت في مكان لا أحبه.. هو هذا نار جهنم.
عدت إلى البيت، اغتسلت من رائحة المستشفى، تدفقت المياه على جسدي بجنون.. كنت أود لو أسلخ جلدي كي أتخلص من آثار سماعة الطبيب.. الآن أنا بخير و صحتي ممتازة، العصافير تأكل من يدي فتات الخبز و تطير قرب البلكونة .

Leave a Reply

Fill in your details below or click an icon to log in:

WordPress.com Logo

You are commenting using your WordPress.com account. Log Out /  Change )

Twitter picture

You are commenting using your Twitter account. Log Out /  Change )

Facebook photo

You are commenting using your Facebook account. Log Out /  Change )

Connecting to %s