الربيع يهدينا الورود و الألوان و العطور, كذلك ربيع الثورات العربية, فقد أهدانا أكثر من ذلك بكثير, و نحن نستحق ذلك, الشباب الذين أضرجوا بدمائهم في تونس, و الذين غنوا في ميدان التحرير حتى آخر نفس, و الذين ما زالوا يوزعون الحرية في شوارع سوريا و ليبيا و اليمن.. و لا ننسى النساء اللواتي هتفن في الساحات و دفعن أولادهن إلى العراء لأجل نيل الحرية!.
قبل أيام أرسلت إليّ صحفية ألمانية مجموعة من الأسئلة تتعلق بالثورات العربية و مدى نتائجها على واقع المرأة العربية, هل تغير لباس المرأة؟ و هل نالت حريتها في المجتمع العربي؟ و هل استردت شجاعتها الحبيسة و تخلصت من قيود الخوف و الذكور؟.. تقريبا نفس الأسئلة يطرحها الآن الدكتور ديفيد نودفورس في المؤتمر الثامن للصحافة و الابتكار في ستانفورد, يقول نوردفورس ” سوف تؤثر الصحوة العربية على المرأة في طريقة لبسها, و ثقافتها, و علاقتها مع الرجل.. “, و يضيف ” الحياة اليومية للمرأة ترتبط رباطا وثيقا مع ماهية قوانين و أنظمة البلدان, فالحكومة بامكانها أن تقرر كيفية رداء المرأة و كيفية تعاملها مع الجنس الآخر..” .
و لكن قبل هذا, ما هو مفهوم حرية المرأة؟, و أين تكمن حرية المرأة؟, و هل حقا الثورات العربية سوف تعزز دور المرأة في المجتمع و سوف تحفظ حقوقها ؟, هل الحكومات الجديدة سوف تسن قوانين و تفرض أنظمة خاصة بحماية المرأة و المساواة بينها و بين الرجل؟..
لا أعتقد أن حرية المرأة في الوطن العربي مرتبطة بإسقاط الأنظمة, المرأة هنا محاطة بعدّة أنظمة, ليست أنظمة سياسية فقط, بل بالاجتماعية و الدينية و الفكرية المتوارثة, هل إسقاط النظام سوف يسقط الرجل المتسلط و يسقط قوة و سلطنة الذكور على النساء في الأسرة العربية؟ أو هل للثورة علاقة بالمعتقدات الدينية التي رسخت في العائلة العربية؟, و هل حقا إن تشكلت حكومات عربية جديدة تتمتع بالديمقراطية و الحرية سوف يحدث تغيير بواقع المرأة و مساواتها مع الرجل؟.. سيكون الأمر على ما هو قبل الثورات: كان ثمة مراكز تهتم بحقوق المرأة و تدافع عنها, و سوف تظل هذه المراكز و تستمر في معاركها في سبيل خلق امرأة عربية حرة لا تتعرض للقمع و الاستبداد من قبل الرجل!. فإن كانت حرية المرأة هي التحرر من سطوة الرجل, فهنا نحتاج إلى ابتكار وسائل لأجل ذلك, ابتكار أفكار تفجر شجاعة المرأة المدفونة في خوفها, الخوف الذي زرعه المجتمع المحيط بها من الرجل و فرض عليها طاعة الذكور و الإذعان لهم. أعرف امرأة تتعرض للضرب و العنف من قبل زوجها, لكنها لم تتقدم و لو لمرة بشكوى ضده للشرطة أو حتى لأحد مراكز الدفاع عن المرأة, الخوف يمنعها من الشكوى و المطالبة بحقها في الحرية من زوجها, هناك الكثير من النساء في مجتمعنا العربي لا يجرؤن على التقدم بشكاوي ضد أزواجهن, فهل بعد الثورة سيتحرر صوتهن من حنجرة الخوف؟.
أما حرية الحجاب التي حظيت بها المرأة في تونس حين سُمِح لها باستخراج بطاقة شخصية لها و هي محجبة, و سماح السلطات السورية للمرأة بأن تتنقب في أماكن عملها خاصة في المدارس, و حرية أن تتحجب المذيعة المصرية في التلفاز!!.. تلك النساء اللواتي نلن حريتهن في الحجاب ما هن إلا شريحة من المجتمع العربي!, نمط لبسهنّ لم يتغيّر بل عاد إلى ما كنّ و ما اعتدن عليه!.. هل كل النساء نلن حريتهن في اختيار حجابهن و طريقتهن في ممارسة الحياة؟.
على الحكومات الجديدة أن تفرد مساحة للمرأة لوضع مادتها -بنفسها- في الدستور الجديد و التي تتعلق بحريتها و حفظ حقوقها و المساواة بينها و بين الرجل॥ و أن يتم تشكيل لجان مراقبة دائمة, تراقب بشكل مستمر مدى تطبيق المادة الجديدة المسنونة بكل جدية و إخلاص!.. كذلك من الضروري أن تضع وزارة التربية و التعليم مادة تعليمية إضافية إلى المنهج الدراسي يتم من خلالها تدريس الطلاب: ذكورا و إناثا, أساليب التعامل بين الجنسين و الاحترام المتبادل بينهما منذ الصغر ليتم إنشاء و تخريج جيل عربي يحترم حقوق المرأة و يدعمها.. كذلك انشاء مراكز توعية تعطي دورات للجنسين في الاتصال الاجتماعي الخلاق و تستهدف تدريب و تحفيز الرجال أكثر من غيرهم على كيفية التعامل من المرأة و تطهير عقولهم من الموروث الذكوري العربي المعتم..
كلام صحيح وواقعي وبرأيي لن تنال المرأة حقها لا بجمعيات حقوق الدفاع عن النساء ولاغيرها…ستنالها اذا عززنا مفاهيم ديننا في اعطاء المرأة حقهافلن نجد اروع ولا أكمل من ذلك…
LikeLike
الثورة لتحرير الشعوب من الطغاة اما اذا جاء حكام عرب يلتزمون بديننا اكيد سيحفظون حقوق المرأة اما القوانين الوضعية فلن تعطيها حقها
LikeLike
الموروثات أصبحت كالمشنقة تخنقنا موضوع هام وهادف الطرح تقبلي مروري
LikeLike