فيتوريو

سامحنا يا فيتوريو..
كنا نائمين بعد يوم ربيعي طويل, كانت المدينة تضحك مثل وردة في يد أول حب لرجل ما, كان يفوح من غزة رائحة رائعة تشبه النعناع أو القهوة التي نرتشفها بهدوء في مقهى مزاج.
لم أكن أعلم أن روحك تتوجع في البيت المقابل لبيتنا, لم أكن أعلم أن البيت القديم الذي رحلت عنه صديقتي اليافاوية سيكون في يوم من الأيام بيتا دمويا, كانت صديقتي جميلة جدا, زرتها في بيتها الصغير, صنعت لي كوبا من الشاي و قدمت لي بسكويتا, كان المطر يتساقط على سطح البيت و يصدر صوتا موسيقيا حين ينزلق عن الزينكو.. لكن البيت غابة الآن.
ستبكي فاطمة كثيرا حين ترى على شاشة التلفاز بيتها القديم و قد تحول إلى مسرح قتل ملوث بالفساد و السوء, لن تصدق أن بيت الذكريات صار تابوتا للحرية..
متى كانت الحرية سببا في قتل الحرية؟, يقتلون حريتهم بأيديهم, فكيف سيتحررون؟..
يا لها من ليلة بشعة, استيقظنا على صوت طلقات رصاص, هرولنا إلى النوافذ, خفنا أن نفتحها فيصيبنا الرصاص, سمعنا زعيق رجال, أصوات عالية و مرعبة, ثم صوت أرجل تخبط بابا ما, عرفنا أن الباب انكسر.. تجرأنا و أخرجنا رؤوسنا من النوافذ, كان البيت المقابل لبيتنا معتما, كشافات الشرطة أضاءت المكان, سيارات و رجال يركضون و يتزايد عددهم, يأتون من الحارة الخلفية ليعرفوا ما يحدث؟.. ظننتُ أن البيت تعرض لعملية سرقة, نمتُ على أن بيت جيراننا مسروق لا أكثر!. لكن لماذا بقيت سيارات الشرطة هناك؟ و صوت إسعافات تأتي و تذهب؟..
فيتوريو..
هنا لك قارب في الميناء مع الصيادين, و شجرة زيتون سيجنيها فلاح باسمك.. الكثير لك و لأجلك هنا .
.

Leave a Reply

Fill in your details below or click an icon to log in:

WordPress.com Logo

You are commenting using your WordPress.com account. Log Out /  Change )

Twitter picture

You are commenting using your Twitter account. Log Out /  Change )

Facebook photo

You are commenting using your Facebook account. Log Out /  Change )

Connecting to %s