البرد يجتاحني من كل شيء, من الشتاء و من المقعد الخشبي و من صوت عصافير هذا الصباح و من الدفاتر و الكتب و الذكريات.. من أشياء كثيرة أعرفها و لا أعرفها, ألتحف بردي و أكتب مذكراتي, ماذا سأكتب بعد أن تلاشى الدفء؟, ألتقط أوراق شعر لناظم حكمت, أقرأ موته في المنفى و حياة باردة تشعل الظلال نارا, أتململ و أتسلى بقصائد ليوجين غليلفك, خبزه و موتاه أكثر من أشيائه..
يرن هاتفي النقال, أشعر بسعادة هدوء يخترقه الصخب, أزداد بردا, كانت مجرد رسالة وصلتني من إدارة الجامعة التي أدرس فيها, ينبهونني برصد علامتي في مادة الأدب, برد..برد.. أقع في القاع, علامتي أقل من النجاح بكثير, لستُ حزينة على رسوبي, لستُ مبالية بفشل دراسي, صوت الشيخ إمام يرتفع مع قصيدة أحمد فؤاد نجم ” هما مين و احنا مين”؟..
يتصاعد من فنجان فمي بخار بارد, كلماتي تتحوّل إلى عشب ينبثق من بين جروح الأشجار, تنبت في ذاكرتي ليلة بعيدة, قضاها قلب بعيد في الطابق الخامس, وحدن بيبقوا متل زهر البيلسان, وحدن بيقطفوا ورد الزمان..
كان قلبا مريضا و لكن لم يُغلق الغابة.. انتشر الأطباء حول السرير و أعلنوا موت آخر نبضة, أتى نبأ من غريب أن احملوا القلب إلى مخيم آخر و قدر أخير.. كانت الساعة الواحدة و كانت غرفة رقم 207 تلعق نبضات قلبي, هل تذوّق أحدكم طعم ليل لا يعني ليل الكائنات؟ .
تلتف الطرقات حول رأسي,
فيروز تغني و أنا أدعي الدفء
بارد هذا الصباح ..
صباح الاثنين
8/2/2010