● ● ●
له عينان, لكل عين لون, العين الخضراء تضحك و تقول جملا يطفح منها نبيذ معطر, العين الرمادية دائما تبكي.. هل بكى أحدكم و أحس بأن دمعه يسيل من عين واحدة فقط؟. نظره سليم, لكنه غريب و يصنّف ضمن حالات شاذة لم يكتشفها العلم و الأطباء و لا تفسير لسرها العجيب, يرى الشيء و نصف آخر من الشيء نفسه, فمثلا الكتاب الموضوع على الطاولة, يراهُ كتابا و يرى إلى جانبه نصفه, البنت التي تنتظر تغير اشارة المرور يراها بنتا و إلى جانبها يرى نصفها: يد و رجل و نصف وجه.. و هكذا. هو يعتقد أن رؤيته للأشياء ناجمة عن حزن بعيد, لكنه لم يحزن في حياته على شيء يستحق الحزن الساحق.
الرجل يدخل باب و يخرج من آخر, يداه تفتحان نافذة و تغلقان أخرى.. يقطع شارعا و يجلس على الرصيف, يرسم بحجر الجير الأبيض على الجدران وجوها مشجّرة, يمحوها و يرسم عيونا.. عيونا عاقرة و عيونا تجهض غموضها بعسر و عيونا صامتة مثل كنيسة مهجورة.
ذات خريف ضبابي, خرج الرجل من بيته ليتزوج امرأة, أحبها بطريقته, (أنا لا أعرف قصته معها, فقط أنقل لكم ما رأيته في تلك الليلة), تحركت قدماه تجاه درج العمارة التي تسكن فيها المرأة, صعد الدرجات القليلة حتى وصل شقتها, طرق الباب, و حالما نظرت إليه المرأة من العين السحرية؛ ارتجفت يداه و صارت أعصابه ترتعش مثل أسلاك كهربائية ممسوسة, ركض على الدرج و هرب من العمارة و من المنطقة كلها, كانت يد الريح تضرب وجهه فيشعر بصفعات قوية تهزّ جسده و توقظ ذبوله, حين نظرت إليه المرأة من العين السحرية رأى عينها البنية و نصف العين, خيّل إليه أن النصف البني الآخر قفز إلى عينيه و جعله يرى في هاتيك اللحظة غابة رموش شوكية تنخز لحمه و يسيل منه دم جاف..
في تلك الليلة رأى الرجل مدينته و نصف آخر منها, كان “النصف” يبدو مثل قصر معتم, يتسلق أسواره رجالا يتقمصون شخصيات تاريخية, أغلبهم كانوا ملثمون, منهم من كان يرفع رايته الملونة التي أعلن عبرها حكمه على القصر, و منهم من هتف باسم الله و بذلك نشر الإسلام في قصره..
لم يحتمل الرجل وقوفه ساهما أمام كل ما يراه, كره عيناه الغبيتان, نظره الأبله, أحاسيسه المتلعثمة, لثغة حركاته, قبضت يداه سيفا و طعن بطن الأرض, انبلج من بطنها نورا ساطعا, رأى نصف النور يبكي عتمة, بكى الرجل و صار يجري في شوارع المدينة.. يجري و أنصاف الكون تجري وراءه.. كان لكل شيء نصف آخر, إلا “هو” لم ينتصف لأنه كان “نصفا” !.
الرجل يدخل باب و يخرج من آخر, يداه تفتحان نافذة و تغلقان أخرى.. يقطع شارعا و يجلس على الرصيف, يرسم بحجر الجير الأبيض على الجدران وجوها مشجّرة, يمحوها و يرسم عيونا.. عيونا عاقرة و عيونا تجهض غموضها بعسر و عيونا صامتة مثل كنيسة مهجورة.
ذات خريف ضبابي, خرج الرجل من بيته ليتزوج امرأة, أحبها بطريقته, (أنا لا أعرف قصته معها, فقط أنقل لكم ما رأيته في تلك الليلة), تحركت قدماه تجاه درج العمارة التي تسكن فيها المرأة, صعد الدرجات القليلة حتى وصل شقتها, طرق الباب, و حالما نظرت إليه المرأة من العين السحرية؛ ارتجفت يداه و صارت أعصابه ترتعش مثل أسلاك كهربائية ممسوسة, ركض على الدرج و هرب من العمارة و من المنطقة كلها, كانت يد الريح تضرب وجهه فيشعر بصفعات قوية تهزّ جسده و توقظ ذبوله, حين نظرت إليه المرأة من العين السحرية رأى عينها البنية و نصف العين, خيّل إليه أن النصف البني الآخر قفز إلى عينيه و جعله يرى في هاتيك اللحظة غابة رموش شوكية تنخز لحمه و يسيل منه دم جاف..
في تلك الليلة رأى الرجل مدينته و نصف آخر منها, كان “النصف” يبدو مثل قصر معتم, يتسلق أسواره رجالا يتقمصون شخصيات تاريخية, أغلبهم كانوا ملثمون, منهم من كان يرفع رايته الملونة التي أعلن عبرها حكمه على القصر, و منهم من هتف باسم الله و بذلك نشر الإسلام في قصره..
لم يحتمل الرجل وقوفه ساهما أمام كل ما يراه, كره عيناه الغبيتان, نظره الأبله, أحاسيسه المتلعثمة, لثغة حركاته, قبضت يداه سيفا و طعن بطن الأرض, انبلج من بطنها نورا ساطعا, رأى نصف النور يبكي عتمة, بكى الرجل و صار يجري في شوارع المدينة.. يجري و أنصاف الكون تجري وراءه.. كان لكل شيء نصف آخر, إلا “هو” لم ينتصف لأنه كان “نصفا” !.
منذ فترة وأنا متابع أتعجب لبلوغ حرفك قمة المتعه في القراءه ولا أجد غير الصمت عنوان تقدير لهذا القلم الجميل..أعجبني جدا هذا السطر لم ينتصف لأنه كان "نصفا"أعتقد كثرت المتاهات في الحياة تخلق لنا تلك الحاله..دمتي مبدعه
LikeLike