في عيادة الأسنان, استرخى في مقعده كالمخدّر, معلّمة مادة الأحياء كانت تنتظر دورها مثله, كانا يجلسان مقابل بعضهما, يفصلهما باب غرفة الطبيب الخاصة بالفحص, وضعت يدها المتوترة على فكّها الأيسر, فكّه الأيمن كان يبدو منتفخا و مترهلا مثل حبة خوخ طرية جدا, لم يكن في العيادة أحد ما سواهما, مرّت ساعة على انتظار دور أحدهما, حركاتهما على المقعد متعَبة, الملل وجد خصوبته فيهما, تكاثر الضجر, همّت بالخروج, الرجل يتلفت حوله, رآها تجر قدميها الثقيلتين ببراعة امرأة اعتادت على ألم الأسنان, تبعها.. اقترض القدر صدفة أن يركبا نفس سيارة الأجرة, لم يتعرّفا على بعضهما, ريح خفيفة تقتحم أنفاسهما المهملة, قبل أن ينزلا لمح وجهها في المرآة الأمامية للسيّارة, أحسّ بحقل مطر يحصده الندم, لماذا لم يسألها عن أي شيء يتعلّق بها؟, على الأقل اسمها!. . عاد إلى بيته, دلف إلى المرآة, سأل وجهه: أي فهرس سيدلني على اسم تلك المرأة.
صار الرجل يذهب إلى عيادة الأسنان كل يوم, حتى بعد أن خلع آخر سنّ من فمه, في آخر عمره أخبره الطبيب أن المرأة التي يبحث عنها(الرجل) كانت تأتي إلى العيادة كل يوم و تأخذ أسنانه التي يخلعها, لتزرعها في فمها, دائما كانت تقول: فقط لو أعرف من صاحب هذه الأسنان التعيسة . !
هل كانا لعبة للقدر؟ , أم أنهما إختارا طريقهما ؟, لا أدري فلم اخوض التجربة .لكن ما ذنب الأسنان كي تكون لعبةً يتقاذفوها بينهما ؟ ألم يكفيهما سقاية نبتة الملل ؟لا أبحث عن اجوبة , حتى أني لا أدري لماذا سألت!
LikeLike