الآن هي جالسة على عتبة دارها ..تضع يدها على ذقنها مثل المتسولين أو العجائز اللاتي ينتظرن الموت بطريقة أخرى, و برحابة..يمرّ جارها عليها,يلقي تحية الصباح بمكر,و قبل أن يبتعد عنها قليلا يعود مترددا إليها..يحملق في وجهها بعينين يملؤهما الذهول و فمه فاغر ..
تنقبض خطوط وجهها التي ارتسمت مبكرا,تبدو كامرأة مجنونة يلاحقها الصغار بالضحكات و يرشقونها بالحجارة..لا ليس من ارتباكها من جارها الذي عرف بمصيبتها بل من زوجته التي تراقبهما من شباك غرفتها,ربما تقول الآن في نفسها”و أخيرا انكشفت ألاعيبكَ يا خائن”..
يرفع جارها عينيه إلى حيث نظرها متعلق, يلمح زوجته و يتمتم بملل ” حمقاء كلكنّ واحدة”..
يستعيد حالته البدائية التي كان عليها قبل رؤيتها..تضمر عيناه و تصبحا بحجم حبة الزيتون..يسير إلى نهاية الطريق و يبتلعه ضباب الصباح الباكر..يتركها مع مصيبتها التي تسببها ذات لقاء جهري..النطفة انبثقت في رحمها ,لقد اكتشفها الطبيب و عرف سرّها..وحدهم الأطباء طيبون كالكهوف و الآبار..صامتون كمصيبة ملعونة !